لو كان الفراغ رجلاً لقتلته!!
هدى محمد نبيه
*************************
ينتظره جميع الناس بلا استثناء ،ويتوق له الكبير والصغير،
ويحلم به الرجل والمرأة وحتى الأطفال، إنه يوم الإجازة الذي يتحرر فيه الشخص من كل الارتباطات والالتزامات التي تطوقه ،فصاحب العمل يتحرر من متطلبات عمله ،والطالب يترك قلمه ويغلق كتبه ،فالجميع ينتظر هذا الضيف المحبب إلى النفس بما يحمله من أوقات فراغ، يتوق إليها الكثيرون.ولقد ارتبط وقت الفراغ في أذهان الكثيرين منا ،بأنه الوقت الذي يضيع عبثا في غير ما يجدي ،فنجد العامل، يقضي يوم إجازته في النوم أو مشاهدة التلفاز، والطالب يجلس أمام شاشة الكمبيوتر مشدوها، مع إحدى ألعاب السيارات أو المصارعة، وإلى غير ذلك من الألعاب،وإذا ما طلبت منه القيام بعمل هادف أو مفيد ،فتجده يرد عليك متذمرا: إننا في إجازة ، وهذا وقت فراغنا ، فلتدعنا نستمتع بإضاعته كما نريد،فيكفى ما نلاقيه في أيام العمل والدراسة .فمما يؤسف له ارتباط الإجازة عامة ،
أو أوقات الفراغ خاصة في أذهان كثير من الناس، بأنها أوقات بلا هدف وبلا جدوى، وليس لها أهمية .وإذا كان الكثيرون يعتبرون أن هذا هو المفهوم الصحيح لوقت الفراغ ،فإنه علينا اليوم تغيير هذا المفهوم ،
ولنطلق معا دعوة للقضاء على أوقات الفراغ لدينا ،فحياتنا أهم من أن نضيع ساعات منها في عبث لا طائل منه.
وقت العمل ووقت الفراغ
فلماذا لا نقضي أوقات فراغنا في نشاطات مفيدة ،لا تتعلق بعملنا أو بدراستنا،فالفرق بين وقت العمل ووقت الفراغ هو أن :
ـ وقت العمل أو وقت الدراسة نقضيه في أداء أمور ، رسمت وحددت بدقة على نحو مسبق ،وتكون أحيانا لا يد لنا في رسمها أو تخطيطها.
ـ  وقت الفراغ  نقضيه في أمور نختارها ونحبها،ولا يفرض علينا أحد كيفية قضائها.فلماذا لا نستفيد من تلك الأوقات المهدرة ؟
فربما يكون وقت الفراغ سببا رئيسيا ،
في انطلاقنا لحياة أفضل، ومستقبل أكثر إشراقا.هل حاولت أن تسأل نفسك في يوم من الأيام ،ما رسالتي في الحياة؟ فالحياة ما هي إلا رسالة، وليست مهنة أو دراسة ،
فالمهنة مختلفة تماما عن الرسالة     المهنة: تسأل نفسك فيها دائما ،
ما الذي يمكن أن تقدمه لي تلك المهنة ؟  الرسالة : أنت تسأل نفسك هنا ،
كيف يمكنني أن أصنع اختلافا في حياتي ، وفى حياة الآخرين ؟
فكل شخص في هذه الدنيا ، لابد أن يكون له رسالة  يسعى إلى تحقيقها ،فرسالة غاندي مثلا ، كانت تحرير 300 مليون هندي ،
ورسالة مارتن لوثر كينج  كانت ضمان الحقوق المدنية لكل الشعوب ،
وسيد الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم،
أرسل إلى جميع الإنس والجن ، وكانت رسالته أن يأمرهم بما أمر الله به .فلماذا لا تفكر ، أن تجعل لنفسك ميراثا خالدا مثل هؤلاء الأشخاص ؟  وإذا ما فكرت في هذا، فإنه ليس عليك أن تغير العالم ،
ولكن كل ما عليك هو وضع هدف نصب عينيك، تسعى لتحقيقه ، لتفيد منه من حولك على الأقل ، أو تفيد منه أناسا آخرين ينتظرون أن يقرءوا لك مقالا ،أو أبياتا شعرية ، أو يجدوا اختراعا ينفع البشرية ،
وإنا لنجد شخصيات أدبية ،تحتل مراكز مرموقة ، لم تبدأ حياتها الأدبية من دراسة أدبية ،
بل إن معظم الأدباء كانوا في الأصل، أطباء ومهندسين ومحامين، ولكن الإحساس بالهواية والتعلق بالأدب ، حدا بهم إلى قضاء وقت الفراغ بين الكتب الأدبية ، وتطورت الهواية لديهم ليحترفوا الأدب.
كيف تتخذ موقفا إيجابيا من هوايتك ؟
سألت مرة إحدى صديقاتي .ما هوايتك ؟
فكان ردها أنها رياضية وتحب الرياضة ،وعندما سألتها عن نوع الرياضة التي تمارسها ،كان جوابها غريبا جدا ،
قالت أنها تشجع كرة السلة ،فهل هذه هواية حقيقية ؟
إن الهواية الحقيقية ينبغي أن تتسم بالإيجابية
و بالمشاركة الفعلية ،وليس بمجرد المشاهدة و المتابعة والتحمس ،
فبوسعك أن تبدى اهتمامك بأي لعبة رياضية ،ولكن عليك المشاركة الإيجابية فيها ،ولو بدرجة بسيطة.وإذا كانت مدارسنا قد فشلت،
في أن توصل إلينا فكرة كيفية قضاء وقت الفراغ،فإنه بوسعنا أن نعيد تربية أنفسنا،وأن نبحث من جديد عن هواياتنا ومواهبنا الدفينة،
ومهما كانت موهبتك ،ومهما كان حجمها فلا تحتقرها ،ولا تقلل من قدرات نفسك، ولا تخشَ أن يقول الناس أنك لست متمكنا من هوايتك ،فكل ما عليك أن تعمد إلى إشباعها ،فقد ينتج من هذه الهواية البسيطة شيء عظيم.
منقول من موقع رسالة الإسلام