رسائل مراهقات مرهَقات !
      بقلم / هدى نبيه   

لا تخلو الحياة من المشكلات ، ولا يخلو منها أحد ،
 ولكن مشكلات البنات حساسة ، سرية ، مكتومة دائما بداخلهن ،
فلا تفصح عنها ، ولا تبوح بها خوفا من استهجان من حولها ،
أو أن أحدا لا يعبأ بتلك المشكلات.
وتعد مرحلة المراهقة من أخطر المراحل التي تمر بها الفتاة ،
 ويكون على الأسرة التكيف مع تلك المرحلة الهامة
من حياة الفتاة ، حتى يصلوا بها إلى بر الأمان.
غير أن هناك بعض من المشكلات يكون سببها الأهل أنفسهم ،
 ولا تستطيع الفتاة في هذه الحالة مواجهه أهلها بتلك المشكلات ،
 أو أنها يمكن أن تصارحهم بها ،
ولكنهم لا قد يستهينون بما تقوله ،
 فتبقى تلك المشكلات بداخل الفتاة على شكل رسائل ،
 إما أن تصل إلى من يهمه الأمر ،
 أو تبقى طي الكتمان ،
 وهذه بعض من تلك الرسائل الحائرة.
والدي العزيز :-
أعلم يا أبي أنك أغدقت على من الأموال الكثير ،
 ولكني لا أتذكر متى آخر مرة جلست فيها بجواري وتحدثت إلي ،
 لقد حاولت أن أقترب منك ،
 ولكني كلما حاولت الاقتراب منك
تعتقد أنني في حاجه إلى مزيد من المال ،
 وعندما أخبرتك يا أبي أنني في حاجة إليك أنت ،
ولست في حاجة إلى الأموال ،
تعجبت من كلامي ، وقلت لي ما الذي ينقصك؟
 وتركتني، وذهبت بعيدا لتجمع مزيدا من الأموال.
سألتني ما الذي ينقصك؟
 فأقول لك ينقصني أبي، ينقصني أب حازم،
 يقسو علي إن أخطأت، ينقصني صدر يعطيني الأمان،
ويمنحني الحنان إن احتجت،
فأنا الآن أبحث عن من أرتمي على صدره،
وأبكي لتستريح نفسي التائهة، وتجد روحي بر للأمان،
والمغريات أمامي كثيرة كثيرة،
فهذا الشاب الذي تعرفت عليه، عبر الإنترنت في إحدى المنتديات،
 وهو معجب بي، ويسمعني أحلى الكلمات ويحنو علي ويدللني،
 إنه يريد رؤيتي، ويريدني أن أخرج معه،
 وعدني بالزواج،
وأني سأجد معه ما حرمتني أنت منه،
تتنازع بداخلي رغبتان :-
 الأولى أني لا أريد أن أغضب الله،
 والأخرى أني في حاجه لحنان مفقود،
وصدر أب أجده لا يهمه غير اللهاث خلف النقود.
أبى محتاجة إليك يا أبى..
 لا تتركني أضيع.
أمي الحبيبة :-
بعد بلوغي سن الثالثة عشرة،
وانتقالي من عالم الطفولة إلى عالم آخر يطلقون عليه سن المراهقة، شعرت بمجموعة متناقضة من الأحاسيس،
 وثورة وتغيرات في جسدي،
 لا أعلم عنها شيئا، وبدأت أسئلة كثيرة تدور في ذهني،
ففكرت في أن أسألك يا أمي،
فأنت أقرب الناس إلي، ولكني ترددت كثيرا،
فخجلي كان يؤخرني خطوات، وحاجتي إلى المعرفة تجعلني أتقدم خطوة.
وأخيرا استجمعت شجاعتي،
وسألتك عما يدور في ذهني من تساؤلات،
ولكنك نظرتِ في وجهي بغضب، وقلتِ لي عيب،
فأنت مازلتِ صغيرة،
ومرت الأيام وأنا أحاول معرفة أسرار جسدي،
إما من صديقاتي في المدرسة،
 أو عن طريق المجلات الرخيصة المتداولة في الأسواق،
فهل يا أمي من المفترض أن أعرف تلك المعلومات وحدي؟
لماذا جعلتني أقع فريسة للمعلومات الخاطئة؟
 لما تضطرينني إلى سماع ما تقوله زميلاتي في المدرسة؟
وأنا لا أعرف هل ما يقلنه لي صواب أم خطأ،
لماذا لا تصارحينني وتوضحين لي ما أريد معرفته؟
ألم تمري مثلي بتلك المرحلة،
 وشعرت بما أشعر وتألمتِ كما أتألم؟
لماذا أنت قريبة مني وبعيدة عني؟ّ!
لطالما احتجت إليكِ ولم أجدك بجانبي،
فشغلك الشاغل هو معدتي ومظهري، فأين أنت من روحي المثقلة بالهموم والتساؤلات الحائرة،
التي تدور في ذهني؟ أين أنت يا أمي؟
أبى وأمي العزيزان :-
أعلم أنكما تحباني كثيرا،
وتخافان علي كثيرا،
ولكني بدأت أختنق بكل هذه السدود والحواجز والممنوعات،
التي تضعانها أمامي،
فأنا أشعر كما لو كنت قطعة من الأثاث،
 تحركانها كما تريدان، اذهبي هنا ولا تذهبي هناك،
 ارتدى هذا ولا ترتدي هذا، صادقي تلك ولا تصادقي تلك، لماذا تمنعاني من زيارة أقاربي بحجة أن لديهم أبناء ذكورا؟
 لماذا لا تسمحان لي بالنزهة مع صديقاتي إلى الأماكن المحترمة، وحتى  لو كان ذلك تحت سمعكم وبصركم؟
 لماذا تراقبان اتصالاتي البريئة مع زميلاتي،
 وتتنصتان على محادثاتي معهن؟
لماذا حينما أعود من المدرسة أجد من عبث بأشيائي وخصوصياتي؟
لماذا أنا دائما محل شك وموضع اتهام منكما؟
ماذا فعلت لتشعراني بأني لست أهلا لثقتكما؟
وعندما حاولت مناقشتكما في الأمر،
 كان ردكما عجيبا وغريبا، فردكما كان كلمة واحدة،
 وهي أنني بنت ولست ذكرا،
فهل مشكلتي أني ولدت أنثى ولم أولد ذكرا؟
فأنتما لا تفعلان نفس الشيء مع أخي،
 وتتركانه يفعل ما يحلو له، لقد بدء الضيق
 والشعور بالظلم يتسرب إلى نفسي،
وشعور بالحقد على أخي، الذي يتمتع بكل تلك الحرية،
وكل تلك الثقة التي حرمتماني منها.
أمي..أبى..
أمنحاني بعضا من ثقتكما.
إلى من يهمه أمري :-
لا أعرف هل هناك أحد فعلا يهتم لأمري؟
هل هناك أحد يبحث عما يعود على بالفائدة؟
فأبي وأمي لا يهمهما سوى نفسيهما،
فمنذ أن فتحت عينيَّ على هذه الدنيا
وأنا أجدهما دائمي الشجار مع بعضهما البعض،
 إلى أن قررا الانفصال، وهنا بدأت مشاكلي الحقيقية في الظهور،
 فأبي تزوج من أخرى، وأمي تزوجت من رجل آخر،
 وعندما أكون في بيت أبي تعاملني زوجته بقسوة شديدة،
وتحملني كافة الأعباء المنزلية،
وتزيد من تدليل أبنائها أمامي، لتشعرني بالمزيد من الذل والقهر، وعندما أشتكي لوالدي يتهمني بالجحود،
 وأن أمي هي من تحرضني ضده وضد زوجته.
وعندما لا أجد في بيت أبي الصدر الحنون المتفهم،
الذي كنت آمله ،
أذهب إلى بيت أمي علني أجد في حضنها
 ما افتقدته من حب وحنان في بيت أبي،
 فلا أجد إلا زوج أم ينظر إلى تفاصيل جسدي،
 ويعترض طريقي طوال الوقت،
فيملؤني الخوف ليلا وأغلق على نفسي بالمفتاح
من كثرة ما يتحرش بي،
 وعندما أشكو إلى أمي تتهمني بانعدام الأخلاق والأدب،
وأني ما أقول ذلك إلا بتحريض من أبي،
حتى أخرب بيتها وأنهى زواجها.
لا أعرف ماذا أفعل أو لمن أشكو؟
لماذا أحضرتموني إلى هذه الدنيا طالما ستتركاني تائه فيها؟
أفكر في الهرب منكما، فربما يكون الشارع أحن علي من قلبيكما؟
 لماذا لا تعاملاني كابنتكما؟
كل واحد منكما يرى في ثمرة خطأ، اقترفتماه بزواجكما،
 ولكن ما ذنبي أنا؟،
ما هي جريمتي التي تعاقباني عليها؟
فيا من يهمه أمري..
أنقذني من ظلم أمي وقسوة أبى..
منقول من موقع رسالة الإسلام