العنف داخل الأسرة يدمر استقرار
المجتمع
**************************
يعد العنف
الأسرى من أهم الأخطار والأمراض التي تهدد الأسرة العربية عموماً وتحمل بين طياتها
عوامل انهيارها و تصدعها وتدميرها ....
وهذا العنف له
العديد من الأسباب نعرض له نبحث عن الأسباب و كيفية مظاهر العلاج وصلنا لعدة أسباب منها الذاتية من الإنسان نفسه ومنها الاقتصادية
والاجتماعية و غيرها.
أولا: الأسباب الذاتية:-
وهى التي تنبع من الإنسان وتقوده إلى ممارسة العنف و من بينها ما
تربى عليه من مبادئ في صغره وما عايشه من عنف في من قديم الزمان أو الجهل بأسس الحياة
الزوجية و أسس التربية
و يمكن حصر الأسباب الذاتية في الآتية::::
فسيولوجية
ارتباط العنف بالعنصر الذكرى أمر
يكاد يكون واضحا عبر المجتمعات حيث إن العدوانية والعنف تكاد تكون من طبع الرجال
أو أن الرجال يرتكبون مثل هذا السلوك أكثر من النساء ولقد توصلت الدراسات إلى أن
هناك علاقة بين ارتفاع مستوى هرمون الذكورة والميل للعدوانية لدى الرجال .
تعاطي الكحول والمخدرات
فهي تؤثر على الجهاز العصبي
للإنسان وربما يصل الأمر إلى فقدان السيطرة و التركيز وعدم الإدراك بشكل جيد و
يكون اللجوء إلى العنف أكثر سهولة عند الشخص الواقع تحت تأثير الكحول و
المخدرات
العاهات الجسمية
فلها آثار سيئة على العلاقات الأسرية التي قد تؤدى إلى سوء العلاقات
و تدهورها أو ضعف المكانة وما يترتب ذلك من الفشل في أداء الدور الاجتماعي للفرد
مما يؤدى بالفرد إلى الإحساس بالقلة أو العار و بالتالي تنكمش العلاقات داخل
الأسرة وقد تؤدى العاهات الجسيمة إلى اعتماد الفرد على الأسرة اعتمادا كبيرا في
قضاء شئونه و يترتب على ذلك الشعور بالضيق
أو اليأس و يصبح الفرد سريع الاستثارة والغضب و يترتب على ذلك مشكلات داخل الأسرة
وقد لا تحتمل إشباع احتياجات ذي العاهة
وتضيق به و تظهر منها علامات الرفض و النبذ مما يسبب الكثير من الاضطرابات الأسرية
و تظهر آثارها بصورة كبيرة إذا كان ذو العاهة هو رب الأسرة ، فتسبب له ضعف قيادة
الأسرة و يفقد مكانته و قد يدفع ذلك بالزوجة إلى الخروج إلى العمل و تنتقل إليها القيادة
و قد تنشغل عن العناية بأطفالها و تنشأ المشكلات .
العوامل العقلية والنفسية
ليس هناك من ينكر أن العوامل
العقلية و خصوصاً مستوى الذكاء
ترتبط بدرجة كبيرة باستقرار
الأسرة و تجنب المشكلات أو ظهورها أو زيادتها فمستوى الذكاء يؤدى إلى الاختلاف بين
تفكير الزوج و الزوجة
و عندئذ تظهر المشكلات المتعددة
داخل الأسرة
و إذا كانت الزوجة ذات ذكاء
مرتفع عن الزوج فقد يؤدى ذلك إلى نزوعها إلى السيطرة والتحكم في شئون الأسرة وقد
تنتزع القيادة من الزوج
الأمر هنا ينشأ عنه صراعات خطيرة
قد تهدد كيان الأسرة و قد تصيبها بالانهيار ومما لا شك فيه أيضا أن الصحة النفسية
لها التأثير الكبير على العلاقات الأسرية سواء بين الزوجين أو بين الوالدين و بين الأطفال
ثانياً: الأسباب الاقتصادية:
العامل الاقتصادي في كثير من
المجتمعات مسئولاً إلى حد كبير عن الأزمات الأسرية فالفقر أو البطالة يؤديان إلى
نقص الموارد المادية مما يخلق أزمات أسرية لأفراد الأسرة و الشعور بالقلق و الخوف،
و قد يكون في بعض الأحيان من
أسباب تشرد الأطفال أو مزاولتهم التسول
لعدم كفاية الموارد المادية وقد
تضطر الأم إلى العمل وبذلك تضعف قوتها و يقل اهتمامها بشئون الأسرة مما يتسبب في
نشوء شقاق و أزمات و المسكن الضيق أيضًا إلى التوتر الدائم بين أفراد الأسرة نتيجة
ضيقهم من بعضهم البعض بسبب عدم توافر المساحة اللازمة للحركة وينعكس هذا التوتر
على للأطفال مما يعرضهم للانحراف
و لقد تبين أنه توجد علاقة
إيجابية بين ظاهرة العنف لدى الطلاب والشباب و بين تفشى البطالة و المعاناة
الاقتصادية والاجتماعية لأن الزوج الذي يتعرض للمعاناة والصراعات في مجال عمله يشعر بــــ " اللاقوة
» في التحكم في عمله أو التعامل مع زملائه أو أي عنصر أو أي عناصر أخرى في البيئة
الخارجية
لكنه عندما يعود إلى منزله يمارس
القوة على أفراد الأسرة
الذي ينشأ في أسرة متصدعة
الأركان يفقد عناصر الرعاية الصحية و التوجيه السليم و لذلك فإن مجرد انتماء الطفل
إلى هذه الأسرة يجعله معرضًا للانحراف .
ثالثًا: الأسباب الاجتماعية:
العادات والتقاليد التي اعتادها
المجتمع و التي تتطلب من الرجل حسب مقتضيات هذه التقاليد قدراً من الرجولة بحيث لا
يتوسل في قيادة الأسرة بغير العنف و القوة وذلك لأنهما المقياس الذي يمكن من خلاله
معرفة المقدار التي يتصف به الإنسان من الرجولة وإلا فهو ساقط من عداد الرجال
وبناء عليه فأسباب متعددة و متشعبة حسب البيئة
ويمكن إجمال هذه الأسباب فيما يأتي
:-
التفكك الأسرى وغياب دور الآباء
الأسرة الصالحة القائمة أفرادها
بما أمر الله تعالى به بالأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و مكارم الأخلاق ومحاسن
الآداب و حملهم عليها و نهيهم عن الفساد و سوء الأخلاق في القول و الفعل سوف يظهر
الفرد بالمظهر الحسن في قوله وفعله وجميع
تصرفاته داخل الأسرة وخارجها لكن قد يعيش الفرد في أسرة مفككة ليس لها من يشرف
عليها
لا تعرف شيئًا عن أولادها و ما
يتلقونه و من يجالسون و المواقع التي يدخلوا عليه بالانترنت فتكون سبباً في انحراف
الأولاد لتوفيرها و تجلب لهم أسباب الانحراف لهم من المسكرات والمخدرات و دعارة وغيرها.
وتكاد تجمع غالبية الدراسات في
مختلف المجتمعات العربية و الغربية على وجود علاقة قوية بين الأسرة المتصدعة و انحراف
الأحداث فغياب أحد الأبوين أو كليهما عن البيت لأي سبب من الأسباب ينعكس سلباً على
حياة الأطفال ويفقدهم الشعور بالأمن والاستقرار و بالتالي يؤدى إلى خلل واضطراب في
العلاقات الأسرية.
- عدم الامتثال للسلطة الأبوية:
اتجهت المجتمعات تحت تأثير العولمة إلى
رفض فكرة السيطرة الأبوية و وقوف الحركات النسوية إلى جانب هذا التوجه و رفعهن
شعار معاداة " الأبوية " ساهم في خلق حالة من الحساسية من قبول أي من
توجيهات الأب و التمرد عليه
و زاد الأمر سوءًا من دوائر
التشريع بالمجتمعات الغربية إلى منع الأبوين من تأديب أولادهما.
فقد تأتى فكرة رفض السلطة
الأبوية في غالب الأحيان من قبل الزوجة وهى ما يطلق عليها البعض مصطلح " المسترجلة
".. إن هذا النوع من الزوجات يكون مشبعاً بالتسلط والتحكم و تحب دائماً أن
يكون لها مركز الصدارة بالأسرة بمعنى أن يحتل الزوج مركزاً ثانوياً فنجد هذه
الزوجة إذا وجدت مع زوجها في مجلس أو اجتماع عائلي تحاول جاهدة أن تزهو بسيطرتها عليه
فتعمل على مقاطعته أثناء الكلام و الاعتراض على آرائه و محاولة التقليل من أهميتها.
ومن هنا نجد فيها من صفات غير
مألوفة بين النساء العاديات تصبح مصدر قلق مما يؤدى إلى سوء العلاقات بينهما فيختل
التوافق الأسرى
ثم يكون ذلك سبباً من أسباب
العنف داخل الأسرة
وقد يأتي رفض سلطة الآباء من قبل
الأبناء وخصوصاً من هم في سن المراهقة لميلهم إلى فكرة الاستقلال و تأخذ شكل
الثورة و التمرد و التهديد أو قد تتطور و الهروب من المنزل أو ترك المدرسة و يصعب
على كثير من الآباء مواجهة مثل هذه الأمور ويعتبرون هذه النزعة نوعا من الانحراف الذي
يجب أن يقابل بمنتهى الحزم والقسوة حتى يرتد الشباب أو الفتاة ويرجع إلى سيرته
الأولى ويعود إلى طاعتهم والامتثال لأوامرهم.
- مشاهدة الأبناء لمشاجرات الآباء:
مما يؤسف له أن نجد بعض الآباء
من الذين اعتادوا المشاجرات والعنف داخل الأسرة يفعلون ذلك بحضور الأبناء ولا
يبالون بمدى تأثير مثل هذه التصرفات على الأبناء مستقبلاً و بخاصة عندما يكون
بمزيد من التسلط بل إن صح التعبير بمزيد من العنف والقسوة، الأمر الذي من شأنه أن
يترك أثراً لدى الأبناء ويكون سبباً فيما بعد لممارستهم لهذا العنف ضد ذويهم من
أفراد الأسرة وبالتالي فإن مشاهدة الأطفال لنموذج عدواني تجعلهم يقومون بتقليده
فلا غرابة إذا رأينا الطفل الذي يشاهد أباه يحطم كل شيء حوله عندما ينتابه الغضب
أن يقوم بتقليد هذا السلوك العدواني.
- عدم المساواة بين الأبناء:
من العوامل التي تساعد على
انتشار العنف داخل الأسرة، عملية التفريق بين الأبناء في العطايا أو الهدايا و حتى
في الحب و الحنان فإيثار بعض الأبناء على البعض من شأنه أن يزرع بذور الحقد
والكراهية منذ الصغر و هذا يؤدى فيما بعد إلى تصاعد وتيرة العنف داخل الأسرة سواء
بين الأبناء وآبائهم و بخاصة عندما يصل الآباء إلى سن الكبر و قد يحدث العنف فيما
بين الإخوة نظراً لما يكنه بعضهم لبعض من الكراهية التي تأسست منذ الصغر وعند ذلك
فلا ينفع الندم من الآباء بل عليهم أن يحصدوا ما زرعوه بين أبنائهم، فالأبوان تقع
على عاتقهما المسئولية الكبرى في تدعيم المحبة و تقوية الصلة بين أولادهما ، وإذا
كان هذا واجبهما فإنه لا يليق يهما أن يسهما في بذر بذور النزاع و الشقاق بخلق
الفتنة بينهم عن طريق التفضيل والتمييز بينهم في المنح والهبات فإن هذا بلا شك
يزرع العداوة و يقطع الصلات التى أمر الله بها أن توصل.
- الانهيار الأخلاقي:
من أخطر أسباب العنف داخل الأسرة
الانحراف الذي يحدث من أحد الزوجين بإنشاء علاقة غير شرعية خارج نطاق العلاقة
الزوجية و سنلاحظ أن القتل يحدث لمجرد الشك أو الإشاعة دون التحقق من وقوع الجريمة
ومن ذلك الزوج الذي يقرر قتل نفسه وأولاده بعد أن اكتشف أنه عقيم لا ينجب ، و الزوج
الذي يقتل زوجته لإصرارها على العمل وشكه في سلوكها ، و نجد الزوجة التي تطلب
الخلع من زوجها لاكتشافها خيانته.
إن انحراف الوالدين أو أحدهما أو
كليهما ، من أهم عوامل الانهيار الخلقي داخل الأسرة بل و أخطرها،
و انحراف أكبر الأبناء أو البنات
و ليس من الضروري أن يقوم الوالدان أو الإخوة الكبار بعمل إيجابي لإرضاع الأطفال
هذا الانحراف بل يكفى أن يشب الحدث في هذه البيئة الفاسدة و يصبح ارتكاب الجريمة
بالنسبة له أمراً عادى جداً ً!
- غيرة الزوجة على زوجها :::
الغيرة سبب رئيسي من أسباب العنف
و المشكلات الأسرية و من العسير القدرة على أن نعد ونحصى المآسي الإنسانية التي
تقع بسبب الغيرة في كل يوم تطالعنا الصحف والمجلات بالكثير من المشكلات الأسرية التي
تصل إلى حد قتل الزوجة زوجها بالسكين أو
بالرصاص خاصة إن كان هناك طرف ثالث في قصة غرام.
- تبلد الزوجة الجنسي::::
من أسباب العنف الأسرى تبلد
الزوجة الجنسي و تمنعها عن زوجها حين يرغبها، وهذا الأمر حذر منه النبي صلى الله
عليه وسلم عندما قال: " إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته ولو كانت على
التنور "
و أسباب تمنع المرأة عن زوجها في
هذا العصر تختلف قليلاً عما سبق خاصة عند المرأة العاملة التي تعانى من ظاهرة
اليوم المزدوج داخل البيت وخارجه في كثير من الأحيان تحت تأثير التعب والإرهاق.
- التنشئة الخاطئة للأطفال:
هناك اتفاق على أهمية الأسرة
ودورها في تنشئة الطفل فمن خلال الأسرة يحصل الطفل على أهم احتياجاته النفسية و هي
الشعور بالحب و الأمان و بأنه مقبول ومرغوب فيه ومن الأسرة يتعلم كذلك الخطأ و الصواب
و ينال التشجيع ..
فالتنشئة الخاطئة التي تقوم على
القسوة الزائدة أو اللين الزائد في المعاملة و التي تذهب الرقابة فيها إلى حد
التقييد الزائد للحرية أو إلى حد الإهمال و السلبية .
من شأنه أن يؤدى إلى تصاعد وتيرة
العنف لدى الأبناء مستقبلاً نتيجة هذه التربية الخاطئة أو ما يطلق عليها البعض
بالتنشئة الأسرية الناقصة و يبدو أن عادة العنف تتكون في الفرد منذ وقت مبكر في
حياته من خلال العلاقات الشخصية المتبادلة و ينتج هذا الاتجاه من فشل الوالدين في
القيام بالتنشئة الاجتماعية و عدم تحمل المسئولية الاجتماعية، و تؤدى تربية الطفل
الخاطئة إلى نقصان شعوره بالثبات والاتزان وحاجته إلى التأييد العاطفي و يخلق ذلك
نزاعات مبالغًا فيها من توكيد الذات أو الدفاع عن الذات.
- دور الإعلام:
المحطات الفضائية بلغت الانتشار
حتى أصبح العالم في قبضة جهاز ينقل المشاهد بين أنواع القنوات في جميع العالم من
شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، متعددة الأشكال والعقائد، يدخلها الصغير
والكبير والذكر والأنثى والعالم والجاهل والمثقف وقليل المعرفة وأصبحت الشغل
الشاغل لجميع الطبقات ومن لا يعرف سمومها وسعيرها وأمراضها الفتاكة مع ما تحمله من
غزو فكرى و إثارة للغرائز إضافة إلى تخصيصها مواقع و قنوات لنشر الأفلام المتضمنة
للجرائم من المطارات و مقاومة رجال الأمن و السطو و إفساد الممتلكات و إطلاق النار
مما تسمى بالأفلام البوليسية و لعدم تحصين الطفل عما تبثه من تيارات فاسدة و أفكار
هدامة سببت له الانحراف بوقوعه في الجريمة و تطبيقه لما يشاهده فيما بعد تأثره بها.
و قد ظهر عامل جديد أجمع
الباحثون على تحميله المسئولية الكاملة للتصرفات العدوانية والتخريبية التي يقدم
عليها الشباب ، هذا العامل يتمثل في بعض البرامج غير السليمة التي أصبحت تذاع دون
ضابط في التلفزيون مثل أفلام العنف التي توضح طرق ارتكاب الجريمة و تؤثر تأثيراً
مدمراً على الشباب وصغار السن، مما يدفعهم في النهاية إلى محاولة تقليد ما
يشاهدونه على الشاشة الصغيرة.
لهذا وجوب الاهتمام بالبرامج
الدينية لتوعية المواطنين وتدعو الإعلاميين المتخصصين إلى أن يقدموا للشباب جميع
أشكال السلوك السليم وكذا الاهتمام ببرامج محو الأمية فالتعليم ينمى في المرء
القدرة على التحكم في الذات و النفس