أبي و أمي ...... شكراً .......

من المؤكد أن مهمة تربية وتنشة طفل من أصعب المهام ولكنها تعتبر أيضاً من أسمى الرسائل التي كلف الله عز وجل بها عباده على وجه الأرض.. ومع هذا التكليف يمنح الله مشاعر وجدانية خاصة لفلذات الأكباد.. حب خاص ينمو في قلوب الآباء والأمهات مع نمو أطفالهم مهما كان شكلهم أو طبعهم.. أصحاء كانوا أم بهم علة..
ومع صعوبة المهمة تكون عظمة القوة والعزم والتصميم على حمل الرسالة وأداءها بنجاح.. وعلى ضوء النماذج الناجحة يتجلى جمال المعنى الذي ترسمه الصور الحياتية من التضحية والنضال والمثابرة والكفاح.. ومع قوة الجهد يكون عظمة النجاح والإثمار..
عطاء الأب والأم يتسم انه له طعم وطبيعة خاصة.. يتسم بالاستدامة دون انقطاع.. يتسم بالعطف والحب دون امتناع.. يتسم بسخاء المنح دون انتظار مقابل أو أخذ مكافأة على بذل الجهد وخدمة الأبناء.. وتتواصل نماذج العطاء حتى من خلال آباء وأمهات غير فعليين.. فهناك نماذج عدة من الشخصيات المعطاءه لتشمل برعايتها أبناء قد لا يوجد بينها وبينهم صلة دم.. وإنما تنمو بينهم علاقات أبوة وبنوة وثيقة الروابط وقد تكون أقوى من روابط صلة الرحم الأصلية  .......
كثيرين حرموا من نعمة الإنجاب.. كثيرين فقدوا فلذات الأكباد وذاقوا ألم الفراق.. ولكن منهم كثيرين أيضاً لم يتوقفوا عن المنح والعطاء.. معظمها أو أغلبها نماذج رائعة مشرفة تستحق التكريم وشهادات التقدير والاحترام.. تستحق الشكر الخالص على ما قدمته من تضحيات.. على رأسها تلك الأسر التي ضحت بأعز ما لديها.. أبناءها.. شهداء 25 يناير.. وآخرين فقدوا أرواحهم في حوادث وكوارث أخرى: كنيسة الأسكندرية، عبارة السلام 98، صخرة الدويقة، محرقة قصر ثقافة بني سويف، حادث قطار قليوب.. وغيرها العديد من الحوادث والكوارث التي تسببت في إدخال مشاعر الحزن والأسى على كثير من الأسر نتيجة فقد أحد أو بعض أفرادها  ......
ولذا يتوجب علينا توجيه شكر خاص لتلك الأسر.. وخاصة أسر شهداء 25 يناير.. لتقديم أرواحهم دفاعاً عن قضية حيوية وهامة لإرساء قيم العدالة والديمقراطية وعصر جديد من الحرية والحماسية في المشاركة والتعبير عن الرأي.. وخير دليل على ذلك تجربة 19 مارس 2011 في الاستفتاء على التعديلات الدستورية ....
فلكل أب وأم جل التقدير والاحترام وأشرف صور التكريم.. وتتجسد أشرف صور التكريم في كتاب الله الكريم حينما أوصى بتكريمهما خير تكريم وعدم نهرهما بحرف والإحسان في معاملتهما ورعايتهما  .....
فشكراً أبي وأمي على ما قدمتوه من عطاء بسخاء ومتابعة المثابرة مهما كانت مشقة العناء.. صورة من الكفاح والعزيمة لمواجهة أقدارنا بشجاعة وعبور رحلتنا الحياتية وأداء الرسالة بدرجة عالية من النجاح.. نجاح يجسد جمال تجربة الألم وتعب السير على القدم.. جمال يجسد الصور الإبداعية والأساليب الذكية لبعض النماذج الحياتية.. نماذج تمسكت بقدر من التحدي والقوة لتعبر الأزمة وصعاب القسوة.. قسوة ظروفنا الحياتية.. وأوضاعنا المعيشية ....
وأخيراً اسجد لله شكرا على أن منٌ علي بمنحي أب وأم كانا لي خير عون في اجتياز الأزمات المرار.. وتنشئتي لأكون من المواطنين الصالحين الأخيار.. ولذا اقولها بحق.. أبي وأمي.. شكراً. وشكراً لكل شخص قام بنجاح في أداء رسالة الأبوة / الأمومة لأبناء من دمه أو لأبناء مجتمعه.. وساهم بفاعلية في بنائهم وتقدمهم للأمام. ولهذا يستحقوا أعلى الأوسمة وشهادات التقدير والحب والإعزاز  ....
وختاما أقول.. أن الأب والأم نعمة كبيرة في حياتنا.. فرجاءً أدركوا قيمة هذه النعمة قبل ذهابها من بين أيديكم.. وصدق الله العظيم حينما أوصى بالوالدين في كتابه العظيم..
د. نهلة أحمد درويش
دكتوراه  في الآداب - علم الاجتماع
20/3/2011