إن الصداقة تعد من أسمى العلاقات الإنسانية في الوجود، فأحياناً ما تكون الصديقة بالنسبة إلى البعض، مثل أخت أو أُم، فهي القلب الكبير والحضن الحنون الدافئ وأحيانا العقل المفكر، وهي "الطبيب النفسي"، فهل تدركين معنى الصداقة؟
الصداقة هي الألفة بين قلبين، وهي ارتباط وجداني غير مبني على غرض معين أو مصلحة شخصية، فالصداقة لا تشترط منفعة يحصل عليها الصديق من صديقه، فالعكس هو الصحيح، فالصديق الحقيقي هو من يؤثر صديقه على نفسه، وهو الشخص المستعد للتضحية من أجل صديقه.
فالصديق الحق هو الشخص الذي يشعر الطرف الآخر بالاحتياج لوجوده، وخاصة في الأوقات الحرجة التي يتعالى فيها صوت من الداخل ينادي باسمه؛ ولأن بحضوره تكمل المسرات أو تبرأ الجروح، وكأنّه البلسم الشافي أو العلاج النافع، إن الصديق هو الشخصية التي نفتخر بها، ونود أن تبقى دائماً إلى جانبنا، حيث لا غنى لنا عن وجودها.
صداقة أم زمالة؟
الصداقة كلمة جميلة.. ولكن اختلطت بها بعض الكلمات الأخرى مثل: الزمالة أو الرفقة، وهؤلاء بعيدون كل البعد عن مفهوم الصداقة، فما هو الفارق بين مفهومَيْ الصديقة والزميلة؟
فالزميلات هن أشخاص قد تكونين عرفتهن منذ أيام أو سنوات وقضيتِ معهن أوقات كثيرة، فهن قد يكن زميلات دراسة أو عمل، لكنهن لسن بالضرورة صديقاتكِ، فهؤلاء نستمتع برفقتهن معنا أثناء العمل أو الدراسة، ونتجاذب معهن أطراف الحديث في مختلف الموضوعات العامة، هؤلاء هن من نطلق عليهن زميلات؛ فإنكِ تصاحبينهن من باب التعود فقط، وليس من باب الحب أو الانسجام أو المشاركة.
أما الصديقة فهي التي عاشت معكِ لحظات تاريخية في حياتكِ، ونقاط تحول حقيقية في طفولتكِ أو في مراهقتكِ، وهي التي لا تخفين عنها شيئاً ولا تخفي عنكِ أي شيء، تَبُوحان لبعضكما بكل شيء، حتى بأكثر أسراركما إحراجاً، فهي تفهمكِ دائماً ولا تطلق عليكِ الأحكام المطلقة، وهي من تستر عيوبكِ ولا تنشرها، وعلي استعداد دائم للتستر على حماقاتكِ، غير إن وفاءها لكِ لا يمنعها من أن تهزك بعنف وتصرخ في وجهكِ أن رأتكِ تسيرين في الطريق الخطأ، فهي ناصحة لكِ أمينة عليكِ، قد تغضبين من تدخلاتها في حياتكِ وتوجيهها لكِ حينما تجدكِ قد جانبكِ الصواب، لكنكِ تعرفين في النهاية أنها تريد مصلحتكِ دائماً، حيث ينطبق عليها القول "صديقك مَن يُبكيك ويَبكي معك وليس مَن يُضحكك ويَضحك عليك".
أسس الصداقة
وإيجاد الصديق المخلص شيء نادر في زماننا هذا، وفي اعتقادي أن الصداقة المخلصة يجب أن تحمل بين جوانبها مجموعة من النقاط أهمها:
1- سلامة الصدر وحسن الظن من الطرفين.
2- حب الخير للطرف الثاني.
3- أن يفرح لفرحه ويحزن لحزنه.
4- النصيحة الصادقة.
5- الدفاع عن الصديق في الحق وردّ غيبته.
6- الصراحة والوضوح والشفافية.
7- السؤال و الاهتمام.
8- الزيارة عند المرض والمشاركة عند الفرح.
9- الدعاء للصديق وهو غائب.
10- حفظ السر وستر العورات.
عليكِ من الآن أن تنتبهي وتقومي بعملية فرز لكل من تعرفين، لتدركي مَن منهنّ صديقاتكِ بالفعل ومَن منهنّ مجرد رفيقات أو معارف، فأنت لا يمكنكِ أن تعاملي الرفيقة كالصديقة فشتان بين الاثنتين، فالصديقة تهتم لأمركِ وتخاف عليكِ وتأخذ بيديكِ إلي الخير، أما الزميلة فكل ما يهمها قضاء وقت ممتع ومسلٍ دون شروط أو التزامات.