أين أنت أيتها المرأة الداعية؟
أين أنت أيتها المرأة الداعية؟

أختي الحبيبة.. هل تمنيتِ في يوم من الأيام أن تصبحي داعية إسلامية؟
إن الكثير من الأخوات يعتقدن أن أمر الدعوة مقصور على الرجال فقط، غير عالمات أن الإسلام ينظر إلى دور المرأة في حمل الدعوة كالرجل تماما، فالمرأة إنسان كالرجل، وكل منهما له حقوق وعليه واجبات، يقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13).
وحين تتحمل المرأة مسؤولية الدعوة، فإن عليها أن تعمل وتنطلق في عملها من قيم وتعاليم الإسلام، وقد صنعت الرسالة المحمدية داعيات إلى الله منذ بداية انطلاقها، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول في السيدة خديجة رضي الله عنها في الحديث الشريف"لا والله ما أبدلني الله خيراً منها .. آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس .. وواستني بمالها إذا حرمني الناس.. و رزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء"، فكانت أول من نصر الإسلام، و أول من ساهمت في إقامة الدعوة الإسلامية، و وضع اللبنات الأولى فيها، وكذلك السيدة عائشة - رضي الله عنها - حين قال عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء".
ويتضح لنا من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المرأة المسلمة شاركت في الحياة الاجتماعية والدعوية، جنبا إلى جنب مع الرجل، ولم يقيد هذه المشاركة سوى مجموعة من الآداب الرفيعة التي تصون ولا تعطل.
تتساءل الكثيرات ولكن كيف أقوم بواجبي في الدعوة إلى الله؟
وما هي الوسائل التي تمكني من ذلك،
وكيف أكون داعية ناجحة؟
أختي الغالية.. أينما كنت تستطيعين أن تقومي بدورك في الدعوة، ولسوف يصل صوتك وفعلك بما فيه خير المجتمع وصلاحه، فأنت تشكلين نصف المجتمع، فمن يتولى هداية هذا النصف سواكِ.
كيف تكونين داعية في عملك؟
إن المرأة تستطيع الدعوة من خلال عملها، سواء كانت معلمة أو طبيبة أو ممرضة أو مهندسة، وذلك من خلال تحليها بالأخلاق الفاضلة وتطبيق ما أمر الله، فالشخصية الملتزمة التي تراعى الله فيما تقول وتفعل وتطبق القيم والمثل العليا، فإنها تجذب إليها الأخريات فيحرصن على صحبتها والاستماع إلى حديثها، وبذلك تكون قد جذبت إليها الكثيرات ونجحت في أداء رسالتها الدعوية دون أن تحتاج إلى استخدام أسلوب الوعظ والإرشاد.
كيف تكونين داعية في بيتك؟
إن المرأة في بيتها عليها عبء كبير، فلا تستصغري أي عمل تقومين به مهما كان بسيطا، ومن مجالات دعوة المرأة في البيت محاولة دعوة زوجها والتأثير عليه, فإذا كان الزوج مدخناً، فعلى الزوجة أن تهديه شريطاً يبين آثار التدخين ومضاره على الصحة، وأن الإسلام لم يوجب شرائع وفرائض على المسلم فقط، لكن اهتم بصحته وبسعادته وكلا الجانبين المادي والمعنوي، وتعتبر كلا من الأشرطة والكتيبات الصغيرة من الوسائل الفعالة والعالية التأثير، كما أن الحوار مع الزوج في بعض الأمور الدينية قد يفتح آفاقا جديدة أمامهما من باب التثقيف في أمور الدين، كما يمكنك أن تعيني زوجك على البر وصلة الرحم عن طريق قيامكما بزيارة الأهل والأقارب.
وعلى الأم الداعية الاهتمام بأطفالها الصغار لكي يسيروا على نفس الدرب، فتحثهم لكي يكون لهم دورا في الدعوة وتشجعهم على ذلك بكل الوسائل والطرق الممكنة ومن هذه الطرق:
الاهتمام بالتغذية الفكرية الصائبة فالدعوة بلا علم دعوة بلا رصيد، فلا بد أن نغذي الطفل برصيد من المعلومات بقدر ما يحتاجه لكي يثبت في كل خطوة، فالطفل الذي يمتنع عن سماع الأغاني، عليه أن يعرف لماذا عليه أن لا يسمعها، والطفلة التي ترتدي ثيابا شرعية ولا ترتدي ما هو قصير وضيق لابد أن تعرف لماذا تركت هذا وارتدت ذاك، وأن تدعو زميلاتها أيضًا إلى ذلك.
- قص القصص من القرآن الكريم والسنة والسلف الصالح، وتذكيرهم بمواقف صغار الصحابة في الدعوة إلى الله، فتعتبر هذه القصص من الومضات الجميلة والتي يكون لها أعظم الأثر في نفوس أبنائنا.
- استثمار أوقات الزيارات في عمل برامج مسلية يتخللها مسابقات مفيدة مع توفير هدايا بسيطة تقدم للأطفال.
- يمكننا مرافقة أبنائنا في بعض الأماكن كالمراكز الاجتماعية ودور الأيتام والمستشفيات، وتقديم الهدايا والأشرطة الدينية والكتيبات للأطفال وكبار السن والمرضى  فما أروع أن نعود أبناءنا على العطاء.
- إشراكهم في المكتبات العامة التي تنمي فيهم روح العلم والمعرفة، وبالتالي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
تعويد الأبناء البالغين على الذهاب للمسجد وحضور صلاة الجمعة وحضور الندوات الدينية، كما يمكنهم المشاركة في مسابقات حفظ القرآن الكريم في المدرسة أو على مستوى الدولة وغيرها .
كيف تكونين داعية بين القريبات والصديقات؟
يمكنك دعوة القريبات والصديقات إلى الالتزام بقواعد الدين الإسلامي، فإذا رأت الداعية إحدى قريباتها لا تلتزم بالزى الشرعي مثلا، فعليها أن تنصحها وتخبرها بالشروط الواجب توافرها في زى المرأة المسلمة، مع اختيار الوقت المناسب لنصحها فلا يكون بين الملأ أو وقت انشغالها؛ لأن ذلك يضيع عليها الفائدة من النصيحة، وإن كانت بها حساسية من النصح المباشر عليها أن تلجأ لطرق غير مباشرة كالأشرطة أو الكتيبات، كذلك إذا كانت هناك ندوات تقام في إحدى المساجد النسائية عليها أن تقوم بأخذأخواتها أو قريباتها لحضور تلك الندوات.
إنقاذ بعض الفتيات اللاتي وقعن أو كدن يقعن فريسة لبعض الأشخاص أو الأفكار المغرضة، فهناك الكثيرين اللذين جل همهم محاربة العقل والدين الإسلامي بمبادئه وأخلاقه، فوجدوا بعض الفتيات ذوات النفوس الضعيفة واللاتي اعتبرنهن بيئة سهلة لنمو الأفكار والمعتقدات الخاطئه، وقيامك أختي الداعية بتصحيح تلك المفاهيم والعادات الفاسدة وغرس بدلا منها القيم والمثل الإسلامية الصحيحة فانك بذلك تُنشئين جيلا من الفتيات على الإيمان والخلق والعفة والطهارة .
كيف تصبحين داعية ناجحة؟
- الصبر والمثابرة، فطريق الدعوة ليس ممهدا، لكنه ممتلئ بالأشواك والصعوبات، وانظري إلى قول الله تعالى في كتابه الكريم: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}(آل عمران: 168)، فعلينا أن نقطع الطريق إلى القمة الشاهقة إلى الفردوس الأعلى مهما أدمت أقدامنا الأشواك، ومهما جرح كلام المستهترين القلوب.
- الدعوة عن طريق استخدام الحكمة والموعظة الحسنه، يقول الله عز وجل في كتابه العزيز:{ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ} (النحل : 125)،  فمهمة الداعية ليست توبيخ الناس وتقريعهم، لأن ذلك قد يثير في أنفسهم حمية الانتصار للنفس ويساعدهم الشيطان على ذلك، فلابد للداعية أن تستخدم الأسلوب الهين اللين مع أخواتها، كما أن الابتسامة المشرقة التي ترتسم على وجه الداعية تجعلها تدخل في قلوب أخواتها فيكون من السهل تقبلهم لدعوتها وموعظتها لهم.
- الاهتمام بالعلم والاستزادة منه، فالدعوة إلى الله لابد أن تكون دعوة على بصيرة، بصيرة بكل شيء، والسبيل الأمثل لذلك محاولة تعلم بعض العلوم الشرعية البسيطة، والتفقه في بعض من أمور الدين التي ستساعدها في أمور الدعوة.
- طريق الدعوة والإيمان يحفل بالمتراجعين والمترددين والناكصين، وما أجمل أن تصبر الداعية على هذا الضعف والتردد، فتطيل النفس معهم ولا تحملهم ما لا تطيق نفوسهم وطباعهم وإمكاناتهم، قال الإمام الطبري - رحمه الله - : " خذ العفو من أخلاق الناس واترك الغلظة عليهم ".. فلا ينبغي أن يغلب جهل المدعي حلم الداعية بحال من الأحوال.
- الدعوة عامة، فمجال الدعوة ليس مقصور على أشخاص معينين أو أفراد أو هيئات، فيجب أن نصحح الاعتقاد لدينا أن الدعوة تنحصر في هذا الفرد أو ذاك، والواجب تهيئة أكبر عدد ممكن من الداعيات والصالحات.
ينبغي للداعية أن تهتم بجانب تربية النفس والارتقاء بقدراتها وعلمها وأخلاقها، وينبغي أن تعوّد نفسها على تحمل البرامج الجادة واستثمار الوقت بكل وسيلة ممكنة على أحسن وجه.
- ينبغي أن تكون الداعية دائمة القلق لحال الناس، وان تكون على إطلاع دائم بما يقلقهم من أمور، وما يستجد من مؤثرات خارجية قد تؤثر بالسلب على مجالها الدعوى، وذلك بمعرفة الأعداء الحقيقيين للدعوة والتعرف.
- عدم الاهتمام بالأخطاء الصغيرة والوقوف عندها واتهام صاحبة هذه الأخطاء بالفشل، " فالأخطاء كالقش تطفو على وجه الماء" فمن أراد البحث عن اللؤلؤ فليغص في الماء ليستخرجه، فإن الشجرة التي تلامس السماء نمت وترعرعت من أصغر بذرة وكما يقولون: "ولولا ظلمةُ الأخطاءِ ما أشرقَ نورُ الصوابِ" .
أخواتي في الله فلنجتمع سويا على أن نطبق قول الله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}..ولنتكاتف سويا ونوحد الجهود فيما بيننا لكي ندعو إلى الخير، وما أكثرجوانب الخير التي يمكن أن تساهمي في نشرها مع مثيلاتك أختي الداعية.